من طرف الاميرال الأحد أكتوبر 16, 2011 7:34 pm
( المشهد الرابع )
( يظهر الراوي على المسرح و هو يخاطب الجمهور : و هكذا فقد رأينا ما وصل إليه بايرون من عز وملك حين انتصرعلى أعدائه وتزوج بابنة عمته ولكننا سنرى من الآن كيف ستتغير شخصية بايرون بعد عظم شأنه ، حيث سيبدو عليه الخوف و القلق على ملكه و زوجته ، ثم تتغير نظرته نحو أصحابه )
( يضاء المسرح ، حيث يظهر بايرون جالسا على عرشه و هو يفكر في أمر ما . في هذه الأثناء يدخل عليه بيشاي )
بيشاي : أسعدت صباحا سيدي الإمبراطور .
بايرون : و أنت كذلك يا بيشاي . لقد طال غيابك عنا .
بيشاي : لقد غبنا هذه المدة الأخيرة لحماية الثغور من أعدائنا الذين يحاولون الاعتداء عليها بين الحين و الآخر.
بايرون : و أين لافوروس ؟
بيشاي : لم يتمكن من الحضور معي يا سيدي .
بايرون : و لماذا ؟ لعله متعب .
بيشاي : نعم يا سيدي ؛ إنه مريض ولكنه سيتماثل للشفاء عما قريب .
بايرون : حسنا ، قل لي بيشاي ،هل عاد أعداؤنا يشكلون خطرا على الحدود الشمالية للإمبراطورية ؟
بيشاي : كلا يا سيدي الإمبراطور.فلتكن على ثقة بأننا أكفاء للمسؤولية .
بايرون : و هل هناك أخبار عن تحركات أخرى على الحدود الجنوبية ؟
بيشاي : لقد اتضح لنا من أخبار عيوننا أن عدونا من مملكة فيردن يخطط للقيام بهجوم على الثغور الجنوبية .
بايرون : فما ترى يا بيشاي ؟
بيشاي : أرى أن من الصواب أن نسير إليهم و نباغتهم بضربة تقصمهم .
بايرون : ذاك هو الرأي يا بيشاي ، ولذلك ستكون و كيبيرا على رأس جيش جرار يباغت العدو في عقر داره .
بيشاي : ولكن.......
بايرون : ولكن ماذا ؟
بيشاي : ولكن......ألن تذهب معنا سيدي الإمبراطور ؟
بايرون : ماذا ؟ ما هذا الذي تقوله يا بيشاي ؟
بيشاي : أرجو المعذرة يا سيدي ، ولكنني أحببت أن أراك معنا لتشاركنا النصر على العدو .
بايرون (مبتسما ) : هذا ليس من شأنك أيها الصديق الوفي. فضلا عن ذلك فإنني لا أريد أن يفقدني شعبي في معركة قد لا أعيش بعدها .
بيشاي : سيدي الإمبراطور ، في رأيي أن معنويات الجنود سترتفع إذا رأوك معهم . ألم تلاحظ ذلك يا سيدي الإمبراطور ؟
بايرون : إنني لن أذهب إلى القتال و قد حزمت أمري على ذلك يا بيشاي ، فلا تعد هذا الأمر علي ثانية .
بيشاي : كما تريد يا سيدي ، أرجو المعذرة على ذلك .
بايرون : لا عليك يا بيشاي .
بيشاي : أتأمرني بشيء آخر سيدي الإمبراطور ؟
بايرون : كما قلت لك يا بيشاي ، كن على استعداد أنت و كيبيرا . أرجو سماع الأخبار الطيبة .
بيشاي : كما تريد يا سيدي . ( يذهب ) .
بايرون ( لنفسه ) : ما هذه الأسئلة التي سألها بيشاي ؟ و بأي حق يريد فرض الأمر هذا الأمر علي ؟ إنني الآمر و الناهي هنا ، و ليس لأحد أن يعارضني فيما أقوله أو أفعله لأنني الإمبراطور بايرون .
( يطفأ المسرح ثم يضاء مرة أخرى ، حيث تظهر راشيل و هي جالسة وحدها في إحدى شرفات القصر . يأتي كيبيرا بالقرب منها ) .
راشيل : من هنا ؟
كيبيرا : لا تخافي يا سيدتي ؛ أنا كيبيرا ( تنهض راشيل لاستقباله ) .
راشيل : مرحبا بك يا كيبيرا . لم جئت إلى هنا ؟
كيبيرا : رأيتك وحدك هنا دون من يحرسك ، فجئت لأقوم بذلك .
راشيل : و كيف حال زوجتك و ابنك ؟
كيبيرا : إنهما بخير . إن إيلينا امرأة رائعة و إنني أحبها كثيرا ، و كذلك ابني ؛ فهو ولد مطيع ـ رغم عناده في بعض الأحيان ـ و سأجعله أحد الرجال المخلصين للإمبراطور . ترى أين هؤلاء الحرس الحمقى ؟
راشيل : لا عليك يا كيبيرا ؛ لقد رغبت أن أكون وحدي .
كيبيرا : كما تريدين يا سيدتي ، ولكنني أخاف أن يصيبك مكروه . و لذلك فإنني سأحرسك إذا شئت .
راشيل : كم أنت نبيل يا كيبيرا !
كيبيرا : هذا شرف عظيم لي سيدتي .
راشيل : بإمكانك أن تناديني باسمي كما يناديني بايرون .
كيبيرا : لا يا سيدتي ؛فأنت أجل قدرا من أناديك كما أنت .
راشيل : كلا يا كيبيرا . لا ينبغي أن تحط من قدرك ؛ لأنك قائد شجاع و مقدام .
كيبيرا : أشكرك يا مولاتي ، وسأبقى الخادم المخلص لك و للإمبراطور .
راشيل : إنني لن أنسى لك ما حييت تلك اللحظة التي أنقذت فيها بايرون من براثن الموت .
كيبيرا : هذا واجبي يا سيدتي و لو تطلب الأمر موتي .
راشيل : إننا ندين لك بكل ما قدمته للإمبراطورية بأسرها .
كيبيرا : لا تقولي ذلك سيدتي ؛ فنحن خدمكم و علينا القيام بأي شيء لصالح الإمبراطورية .
راشيل : كم أتمنى أن تكون هذه إمبراطوريتنا مليئة برجال من أمثالك و بيشاي و لافوروس .
كيبيرا : أشكرك يا سيدتي . و إنني لسعيد إذ أكون ساعيا في خدمتكم .
( تضم راشيل يدها إلى يد كيبيرا و تشد عليها بحرارة ثم تتركها . في هذه اللحظة يظهر بايرون الذي يمتعض لرؤية كيبيرا مع زوجته ، إلا أنه يكظم غيظه و يظهر السرور ) .
بايرون : أهذا أنت يا كيبيرا ؟
كيبيرا ( منحنيا له ) : نعم يا سيدي .
بايرون : أين كنت ؟ لقد أردت أن أراك .
كيبيرا : لقد كنت أقوم بحراسة سيدتي الإمبراطورة. هل تحسنت حالة جرحك يا سيدي ؟
بايرون : لا داعي للقلق يا كيبيرا ؛ إنني بخير .
كيبيرا : ليتني أصبت عوضا عنك.
بايرون : أعلم شعورك تجاهي يا صديقي . ماذا عن دورين الصغير؟
كيبيرا : لقد أزعجني البارحة بإلحاحه علي لأن آخذه إلى المعركة القادمة .
بايرون : لا تؤاخذه يا كيبيرا ؛ إنه في الثالثة من عمره ، ولكنني لا أشك أنه سيصبح مثلك .
كيبيرا : آمل ذلك .
بايرون : قل لي يا كيبيرا ، كيف استعدادك للمعركة للمقبلة ؟
كيبيرا : إنني على أتم استعداد يا سيدي ، و الحق أنني أتوق إلى سحق العدو دون انتظار .
بايرون : إنني أتوسم ذلك فيك يا كيبيرا .
كيبيرا : كن واثقا بأننا لن نجعل أعداءنا يقلقون راحتك يا سيدي .
بايرون : أنت صادق في وعودك دائما أيها الأخ و الصديق . أرجو لك التوفيق في هذه المهمة الصعبة .
كيبيرا : سنأتيك بالأخبار الطيبة .
بايرون : حسنا يا كيبيرا ، بإمكانك أن تذهب الآن .
كيبيرا : كما تريد يا سيدي .( يذهب كيبيرا. يمسك بايرون بيد راشيل ثم يضمها إلى صدره )
بايرون : يا لجمالك الذي يسلب تفكيري يا راشيل !
راشيل : لك إحساس مرهف يا بايرون .
بايرون : هذا لتعلمي كم أعشقك إلى حد الجنون .
راشيل : أتظن أن حبي إياك أقل من حبك إياي ؟ إنك زوجي و حبيبي و رفيقي.
بايرون : إنني أخاف عليك يا راشيل .
راشيل : و ممن تخاف علي يا بايرون ؟ إنني بأمان معك . أتظن أن هنالك إنسانا آخر في حياتي ؟
بايرون : لا أقصد ذلك يا عزيزتي ، ولكن ........
راشيل : ولكن ماذا ؟
بايرون : ولكنني أراك تولين كيبيرا اهتماما دائما ؛ فمنذ أن تزوجنا و أنت تبادلينه أطراف الحديث و تضحكين في وجهه .
راشيل ( ضاحكة ) : لا ، لا تظن ذلك يا حبيبي . أنسيت أنني أقسمت أن أكون وفية لك طيلة عمري حتى يفرق بيننا الموت ؟ أنسيت أن لكيبيرا زوجة و ابنا يحبهما كثيرا ؟
بايرون : كلا ، إنني لم أنس .
راشيل : فإذا كان الأمر كذلك ، هل تعتقد أن كيبيرا يعشقني ؟
بايرون : ليس هذا ما أقصده يا راشيل ، ولكنني أخاف من عواقب سيئة .
راشيل : أية عواقب ؟ ما الذي تتحدث عنه يا بايرون ؟
بايرون : يخيل إلي أن الدهر يريد أن يسلبني ما بنيته من مجد ، و أرى أن الأعداء يزدادون كثرة على إمبراطوريتنا ، و لذلك فعلينا جميعا أن ندحرهم .
راشيل : ليس هذا ما نريده يا بايرون . فليكن السلام بديلا عن هذا الأمر .
بايرون : كلا يا راشيل ؛ إن هذه الإمبراطورية يجب أن يدوم مجدها إلى الأبد ، و لذلك فإنني لا أبالي بعدوي ، حتى لو بطشت به دون رحمة .
راشيل : ما الذي حدث لك يا بايرون ؟
بايرون : ماذا تعنين يا راشيل ؟
راشيل : ما أعنيه هو أنك أصبحت حريصا على ملكك أكثر من أي شيء آخر .
بايرون : و هل أتركه لقمة سائغة في أفواه أعدائي ؟ إنهم لن يبلغوا مرادهم و سوف أضربهم بقسوة .
راشيل : ألذلك تريد إرسال كيبيرا ليتولى تصفية أمرهم ؟
بايرون : نعم ؛ لأنه الرجل المناسب لهذه المهمة .
راشيل : لقد اصبح الجو باردا هنا ، فلندخل .
بايرون : سأبقى هنا وحدي . بإمكانك الذهاب يا راشيل .
راشيل : حسنا ، لا تبطىء علي يا عزيزي . ( تذهب راشيل ) .
بايرون ( لنفسه ) : أرى كأن الجميع أصبحوا لا يفهمون ما أريده . إنني أشعر كأنني لا أثق بمن حولي . و كيبيرا ، ما شأنه مع راشيل ؟ إن ظله لا يفارق ظلها . أحس أنه قد تغير و لم يعد ذلك الإنسان الذي كنت أحبه . علي أن أكون أكثر حذرا ، و ليعلم هؤلاء المتربصون أنني لهم بالمرصاد .
( انتهى المشهد الرابع )