من طرف الاميرال الأحد أكتوبر 16, 2011 7:32 pm
( المشهد الثالث )
( يظهر الراوي مرة أخرى على المسرح مخاطبا الجمهور : وهكذا ذهب بايرون مع أمه و حاشيته إلى الإمبراطور كلوديان و ذلك للزواج من ابنته راشيل.و سنرى في هذا المشهد اللقاء الذي يجمع بين الحبيبين الوفيين، و الذي لم يعكر صفوه إلا مجيء شاب مغرور أرعن يدعى جوانز كان قد أحب راشيل . و سنطلع كذلك على توعده بايرون بالقتل و كيف نجا بايرون من الموت رغم إصابة كتفه و كيف جنى جوانز على نفسه)
( يضاء المسرح ، حيث يظهر الإمبراطور كلوديان في قاعة عرشه مع زوجته ماري و الحاشية حولهما و هم ينتظرون قدوم بايرون مع وفده بفارغ الصبر . يدخل الحاجب )
الحاجب : فخامة الإمبراطور كلوديان ، لقد وصل الإمبراطور بايرون .
كلوديان : فليدخل هذا القائد الكبير . ( يدخل بايرون و أمه و وفده ) .
بايرون : دام عز الإمبراطور كلوديان المبجل .
كلوديان ( متوجها إلى رديارد) : حييت أيها القائد الفذ ؛ فأنت أهل للتكريم و موضع للترحيب ( يتعانقان ) .
بايرون ( مخاطبا عمته ) : و كيف حالك يا عمتي العزيزة ؟ لقد اشتقت إلى رؤيتك بعد هذا الفراق الطويل .
ماري : و كيف حالك يا ابن أخي الغالي ؟ لطالما أحببت أن أراك.( تخاطب مالموريا ) و كيف حالك يا زوجة أخي الحبيبة ؟
مالموريا ( تتقدم نحوها ) : إنني على ما يرام أيتها الإمبراطورة ماري ؛ فأنت لي الأخت و الصديقة ، و لن أنسى الأيام التي جمعتني بك و بزوجي الراحل ستيفن ( ما إن تسمع ماري اسم أخيها حتى تعانق مالموريا و تذرف الدموع حينا )ما الذي يبكيك ؟
ماري : ما إن ذكرت لي ستيفن حتى بدا كأنه أمامي ، و لا أكاد أذكر اسمه حتى أبكي . و كيف لا أبكي أخي الذي أحب ؟
مالموريا ( بحزن ) : نعم ، و ليس حزنك عليه بأقل من حزني عليه يوم ودع الحياة و هو في كمال شبابه .
ماري : ولكن ما يعزيني هو أن ابن أخي يسير على الدرب نفسه الذي سار عليه أبوه .
مالموريا : لقد كانت رغبة أبيه أن يكون رجلا مخلصا لشعبه و شجاعا في الذود عن بلاده .
ماري : أعتذر إليكم جميعا ؛ فليس من اللائق أن أحزنكم بهذه الذكريات .
كلوديان : نعم يا عزيزتي ؛ فهذه سنة الحياة ( بعد صمت قصير) لقد تشرفت ديارنا بزيارتك أيها الإمبراطور بايرون .
بايرون : أشكرك يا فخامة الإمبراطور .
كلوديان : لقد سمعنا أخبار انتصاريك العظيمين على عدوك ، و لقد احتفلنا ثلاثة أيام متتالية مشاركة لفرحتك و فرحة شعبك .
بايرون : هذا شرف عظيم منك أيها الإمبراطور .
كلوديان ( مخاطبا حاشيته ) : يسروا لضيوفنا الكرام وسائل الراحة و اعملوا على خدمتهم .
بايرون : أيها الإمبراطور كلوديان ، إنني جئت إليكم زائرا لغرض نبيل آمل أن توافق عليه .
كلوديان : و ما هو هذا الغرض ؟
بايرون : فخامة الإمبراطور، إنني قد أحببت راشيل حبا ملأ قلبي و هي تحبني أيضا ، و لقد تعاهدنا على الزواج منذ أن كنا صغارا . فهل إلى ذلك من سبيل ؟
كلوديان : تعلم أيها الإمبراطور بايرون أنني لا أستطيع أن أجبر راشيل على الزواج من أي كان ؛ لأنني أحترم رأيها في هذا الأمر .
بايرون : و أنا أتقبل رأيها بكل رضى أيها الإمبراطور .
كلوديان : كم أنت نبيل أيها الإمبراطوررديارد!(يلتفت إلى إحدى الوصيفات) وأخبري راشيل بأنني أريدها . ( تذهب الوصيفة و بعد قليل تأتي راشيل ) .
راشيل : سمعا وطاعة يا أبي . مرني بما تشاء .
كلوديان : أعلم يا ابنتي أنك وحيدتي ، و أعلم أيضا أن لك حق اختيار من ترغبين به زوجا لك دون مانع مني ، أليس كذلك ؟
راشيل : بلى يا أبي ، إنني لن أقبل إلا من أحب .
كلوديان : إذن ، فانظري من جاءك خاطبا يا ابنتي .
( تلتفت راشيل لترى بايرون ، فتعلو الابتسامة وجهها ثم تذهب إليه حيث تتشابك أيديهما بقوة ) .
راشيل : إذن ، فقد جئت كما وعدتني يا بايرون ، وإنني لم أحنث بوعدي لك .
بايرون : و أنا كذلك يا حبيبتي ، أقسم لك أنني ما تركت التفكير فيك يوما واحدا حتى في قتال أعدائي .
راشيل : يا لك من وفي يا بايرون ! ( تخاطب الجميع ) فلتشهدوا هنا أيها الحاضرون أنني راضية ببايرون .
كلوديان : إذن ، فأنت ترغبين بالزواج به يا ابنتي ؟
راشيل : ولم لا يا أبي ؟ إنني لأرى أبواب السعادة قد تفتحت لي و لبايرون . نعم ، إنني راضية به ؛ لأن له من النبل والشرف ما يجعلني أحبه.
كلوديان ( مخاطبا بايرون و راشيل ) : إنه ليسعدني أن أعلم الجميع هنا بأنني موافق على زواجكما ، و لسوف نقيم الأفراح في البلاد كلها .
( يعانق كلوديان بايرون تهنئة بهذا الحدث . في هذه الأثناء يتعالى صراخ من الخارج قادما إلى الداخل (لا............لا)) . يدخل الحاجب ) .
الحاجب : سيدي الإمبراطور .
كلوديان : من هذا الذي يصرخ ؟
الحاجب : إنه ذلك النبيل جوانز قد جاء وحاولنا منعه إلا أنه اقتحم البوابة بعنف . ( يدخل جوانز و هو غاضب ) .
جوانز : ما هذا الذي سمعت عنه ؟
كلوديان : يا لوقاحتك ! ألم تتعلم أدب الاستئذان عند الدخول ؟
جوانز : معذرة أيها الإمبراطور ، ولكن ماذا وعدك الذي وعدتني إياه ؟
كلوديان : عن أي وعد تتحدث ؟
جوانز : ألم تعدني بأن تزوجني من ابنتك ؟
كلوديان : إنني لم أعدك بهذا الأمر و إنما وعدتك بأن أرى رأيها .
جوانز : أصحيح أن الذي جاء يخطبها هنا ؟
بايرون ( مجيبا إياه ) : هذا صحيح ، و لقد وافقت راشيل على الزواج به .
جوانز ( دون مبالاة ) : و من أنت حتى تجيبني ؟
بايرون : إنني أنا الذي رضيت به راشيل .
جوانز ( بغضب ) : أنت ؟
بايرون : نعم ، أنا هو ، فهل لك أن ترد علي ؟
جوانز : إذن ، فأنت هو اللص الذي يريد سرقة وردتي .
كلوديان : اخرس أيها الحقير ، لو أنك تعلم مكانته لما خاطبته بهذه اللهجة التي تنم عن سوء أدبك .
جوانز( باستهزاء ) : و من هو يا ترى ؟
كلوديان : إنه الإمبراطور بايرون .
جوانز : لا تهمني مكانته ، سواء أكان عظيما أم وضيعا ، وأقسم أن الموت سيكون نصيبه إن حاول أن يلمس راشيل .
كلوديان ( بغضب ) : ماذا تقول ؟ لقد بالغت في غيك كثيرا يا جوانز و ستندم على ذلك .
جوانز : لقد قلت ما عندي ، (يخاطب بايرون بكبرياء ) أرى أن من الأفضل لك أن ترحل يا بايرون .( يتدخل كيبيرا ولكن بايرون يمسكه )
كيبيرا : دعني يا سيدي لأدوس هذا الحقير بقدمي .
بايرون : هون عليك يا صديقي ، سأتدبر أمره الآن .
كيبيرا : لئن لمس الإمبراطور بايرون أي مكروه لأعلقن رأسك على سيفي هذا .
بايرون : قلت لك إنني أستطيع تدبر أمره ( يخاطب جوانز ) استمع إلي أيها المغرور ، لو جئتني بجيش حتى تحول بيني و بين راشيل ما قدرت على ذلك ، فارحل في الحال و إلا قتلتك .
جوانز : أتهددني ؟
بايرون : نعم. و إن كنت جريئا فواجهني يوم زفافي ، فإن غلبتني فستصبح راشيل زوجة لك . أما إن لم تفعل ، فلا أقل من أن تصبح أضحوكة بين الناس .
جوانز : سنرى ذلك يا بايرون . ستدفع ثمن هذه الإهانة غاليا . ( ينصرف غاضبا ) .
كلوديان : أعتذر إليك أيها الإمبراطور . لقد كان الأجدر بي أن أعاقب هذا المتطاول عليك أشد العقاب .
بايرون : لا عليك أيها الإمبراطور. لو كان ذا قلب لاستل حسامه لحظة دخوله إلى هنا ، ولكنني سأعرف كيف أجعله يركع طالبا الرحمة و الصفح .
راشيل : لن يفرق هذا التافه بيني و بينك هذ يا بايرون و لن أكون له. ولكن توخ الحذر منه ؛ فهو غادر و قد يصيبك بمكروه في لحظة غفلة .
كلوديان : لا تهتموا لأمره . سأصدر أمرا إلى الحراس بمنعه من الدخول إلى هنا .( يخاطب الحاشية ) فلتعلن الأفراح بزواج الإمبراطور بايرون و ابنتنا راشيل .
( يطفأ المسرح ثم يضاء بعد قليل على قاعة للاحتفالات ، حيث يظهر الإمبراطور بايرون و الإمبراطور كلوديان و عدد من الحضور و هم ينتظرون قدوم راشيل . يقف بايرون أمام الكاهن الذي سيزوجهما ) .
الكاهن : و أين العروس ؟ ألم تحضر بعد ؟
كلوديان : ستأتي بعد قليل ، فلا داعي للقلق.
( يسمع صوت الحاجب معلنا عن قدوم الأميرة راشيل ) .
الحاجب : سيدي الإمبراطور، أيها الحضور العظيم ، لقد وصلت الآن الأميرة راشيل .( تظهر راشيل في زي الزفاف و قد جاءت برفقة أمها و مالموريا ) .
الكاهن ( مخاطبا بايرون ) : سيدي الإمبراطور ، لقد جاءت عروسك . يمكنني الآن أن أبدأ مراسيم زواجكما .
( تقف راشيل بجوار بايرون ، حيث يتبادلان النظرات ، بعد ذلك ينظران إلى الكاهن بهيبة و صمت ) .
الكاهن : إنه ليوم سعيد هذا الذي سنعلن فيه زواج الإمبراطور بايرون من الأميرة راشيل . و إننا لنرجو أن يعزز هذا الزواج أواصر الصداقة إلى الأبد بيننا و بينكم أيها الإمبراطور بايرون .
( يسمع صوت مفاجىء من أعلى السقف ، و يتضح أنه جوانز الذي خطط لقتل بايرون غدرا )
جوانز : ليس بعد أيها اللعين ( يلتفت الحضور حولهم ليروا أين هو ، وفجأة ينطلق سهم يصيب كتف بايرون . تصرخ راشيل وأمها ومالموريا )
راشيل : ويلاه !
مالموريا ( و هي تساعده ) : تحامل على نفسك يا بني . كن قويا و صامدا .
كلوديان ( بلهجة صارمة ) : جدوا ذلك النذل ، الويل له مني .
( تحدث بلبلة و فوضى يستغلها جوانز ، فيثب شاهرا سيفه بقصد الإجهاز على بايرون )
جوانز : لقد كانت تلك الرمية هدية بسيطة لن تعادل الآن هدية الموت التي ستتلقاها الآن دون رحمة . ( يتدخل كيبيرا ثم يستل سيفه ليبارز جوانز )
كيبيرا : فلتخسأ أيها الحقير؛ فلن تصل إليه ما دمت موجودا .
جوانز : أنت ثانية ؟ إليك عني ؛ لأنني سأسوي حسابي الآن مع سيدك .
كيبيرا : ليس قبل أن تواجهني ( يتبارزان ، ثم يعاجله كيبيرا بطعنة تخترق أحشاءه ، فيقع جوانز متخبطا في دمائه و به رمق . ينهض بايرون و يقف عند رأسه و السيف في يده )
جوانز : كم تمنيت أن أقتلك يا بايرون ، ولكن القدر لم يبتسم لي .
بايرون : لقد أحببت أن تلقاني في مبارزة عادلة ، ولكنك أبيت إلا الغدر، و هذا هو جزاؤك .( يعاجله بايرون بطعنة أخرى في قلبه فيموت )
كلوديان : هل أنت على ما يرام ؟ آمل أن إصابتك ليست بليغة .
بايرون : اطمئن أيها الإمبراطور؛ إنها ليست كذلك .
كلوديان ( آمرا الحرس ) : ارموا جثة هذا الوغد بعيدا ؛ فمثله عار علينا .
بايرون : إن هذا الجرح لن يمنعني من إكمال زواجي الآن .
مالموريا : كلا يا بني ؛ فأنت جريح و من الخير لك أن تتعافى . يمكننا أن نرجىء حفل الزفاف إلى يوم آخر . أليس كذلك أيها الإمبراطور كلوديان ؟
كلوديان : بلى .
بايرون : فخامة الإمبراطور كلوديان ، إنني لا أستطيع فراق راشيل يوما واحدا ، وإنني أرغب بإتمام هذا الزواج . فهلا رضيت ؟
كلوديان : كما تشاء ( يخاطب الكاهن ) سيدي الكاهن ، يمكنك الآن البدء بمراسيم الزفاف .
الكاهن ( مخاطبا راشيل ) : أيتها الأميرة راشيل ، أترضين بالإمبراطوربايرون زوجا لك معاهدة على الإخلاص و الوفاء له ؟
راشيل : إنني أقبل ، سيدي الكاهن .
الكاهن ( مخاطبا بايرون ) : و أنت أيها الإمبراطور بايرون ، أترضى بالأميرة راشيل زوجة لك ، معاهدا على الإخلاص لها و إسعادها في حياتكما ؟
بايرون : وهو كذلك سيدي الكاهن .
الكاهن ( مبتسما ) : فلتكونا زوجين سعيدين ، ولتنعما بالحياة الرغيدة ، وعسى أن ترزقا بالبنين و البنات . نرجو لكما السعادة مدى الحياة .
( انتهى المشهد الثالث )