من طرف الاميرال الأحد أكتوبر 16, 2011 8:28 pm
الفصل الخامس
المشهد الأول
( يضاء المسرح ، حيث يجلس صفوان وحده في بيته يفكر متألما و نادما على ما صنع من عمله مع ليث البكري . ينظر إلى صورته المعلقة على الحائط و هو بجوار زوجته فلا يتمالك نفسه من الحزن . يحاول الاتصال بها مجددا فيجد هاتفها الجوال مغلقا )
صفوان : لقد كان علي أن أستمع إليك يا رغدة . ( يبكي بألم ) ليتني مت قبل أن تتركيني يا حبيبتي . لقد كنت أنانيا و مغترا بنفسي إلى حد كبير . يا للعار !
( يطرق الباب ، فينهض صفوان متثاقلا ليفتحه ، فإذا به يجد العميد عبد الله و النقيب عامر )
عبد الله : هل فاجأك مجيؤنا يا صفوان ؟
صفوان : الحق أنني لم أتوقع ذلك . ( يمد صفوان يديه )
عامر : ما الذي تفعله يا صفوان ؟
صفوان : أريد أن أسلم نفسي .
عبد الله : مهلا أيها الرائد ؛ إننا لم نأت للقبض عليك . ( يخرج من جيب سترته كتابا مختوما ثم يدفعه إلى صفوان )
صفوان : ما هذا يا سيدي ؟
عبد الله : لقد علمنا أنك تركت العمل مع هؤلاء المجرمين و أنك ندمت على ما فعلت . إن الكتاب الذي تراه بين يديك ما هو إلا كتاب العفو عنك و السماح لك بالعودة إلى عملك السابق في رتبتك السابقة .
( يفض صفوان الكتاب ثم يقرأه . يقف مشدوها و هو لا يكاد يصدق ذلك )
صفوان : يا إلهي ! هل أعيش في عالم من الخيال ؟
عامر : إنها الحقيقة يا صفوان . إننا نرحب بعودتك إلينا مرة أخرى . ( يخر صفوان ساجدا لله شكرا على نعمته )
صفوان : أحمدك اللهم على نعمتك و فضلك . ( ينهض من مكانه ثم يعانق العميد عبد الله و النقيب عامرا ) لا أدري ماذا أقول لكما . ( يخاطب العميد عبد الله ) أرجو منك أن تصفح عني يا سيدي ؛ فلقد تجاوزت حدودي و بالغت في آثامي .
عبد الله : لا عليك يا صفوان .
صفوان ( مخاطبا عامرا ) : أرجو ألا تؤاخذني بما فعلت معك أيها النقيب .
عامر : لقد نسيت ذلك أيها الرائد .
صفوان : أشهدكما بأنني أعاهد الله على أن أكفر عن آثامي ، ولن يهدأ بالي حتى أريح عاصمتنا من فساد المجرمين جميعا . ( يخاطبهما ) أرجو أن تصفحا عني ؛ فلقد أخذ هذا الخبر مني مأخذه و أنساني واجب ضيافتكما .
عبد الله : لا داعي لذلك يا صفوان .
صفوان : ولم لا يا سيدي ؟ ( تبدو الحيرة و الأسف على وجهي العميد عبد الله و النقيب عامر ) ما الأمر ؟
عبد الله : لا ندري ماذا سنقول لك.
صفوان : ما الذي حدث ؟ ( يسلم العميد عبد الله رسالة إلى صفوان ) ما هذه ؟
عبد الله : إنها رسالة إليك من اللعين ليث .
( يفض صفوان الرسالة ثم يشرع في قراءتها في الوقت الذي يسمع فيه الجمهور صوت ليث البكري )
ليث : إلى الخائن صفوان ...فلتكن على علم بأن زوجتك الحسناء قد أصبحت رهينة لدي ، و إنني أمهلك ثلاثة أيام لتأتي و تخلصها من قبضتي إن استطعت ، و إلا فإنني أعدك بأن أرسلها إليك على الوجه الذي سيؤلم فؤادك إلى الأبد . و أنت تعلم أنني إذا انتقمت فلا أدع للرحمة متسعا في قلبي .
( ما إن يفرغ صفوان من قراءة رسالة ليث حتى لا تكاد ساقاه أن تحملاه ، فيجلس و هو لا يكاد يصدق )
صفوان : كيف حدث هذا ؟
عامر : لقد تمكن أتباع ذلك المجرم من تعقب زوجتك حيث حلت عند أبويها ، ثم اقتحموا منزلهما ليلا و اختطفوها أمامهما بعد أن أوثقوهما بالحبال ، ثم ألقوا هذه الرسالة إليهما قبل أن يغادروا .
( ينهض صفوان و قد تملكه غضب عارم و إصرار كبير )
صفوان : فليعلم هؤلاء القتلة بأنني قادم إليهم و أن نار انتقامي ستحرقهم جميعا .
عبد الله : سنكون معك و لن نتركك وحدك.
عامر : و لن يهدأ بالنا حتى تعود إليك زوجتك . ( يطفأ المسرح )
انتهى المشهد الأول
المشهد الثاني
( يضاء المسرح ، حيث يظهر ليث مع عدد من رجاله و هم يحتجزون رغدة . يقترب منها ليث ليداعب وجهها إلا أنها تبصق عليه، فيمسك عنقها بقوة )
ليث : يجدر بك أن تكوني مهذبة معي يا أسيرتي الحسناء .
رغدة : تبا لك و لرجالك . ( يضحك ليث بسخرية )
ليث : لا تقلقي ؛ فستبقين معي ولكن بعد أن يموت زوجك أمامك .
رغدة : خسئت أيها الحقير ؛ فما كان صفوان جبانا مثلك . و سأكون مسرورة عندما يقتلك و يخلص الآخرين من شرك . ( يشدها ليث بعنف )
ليث : إن كان هذا ما تريدين فسأدفنكما معا .
( يدخل أحد رجال ليث بعجلة )
الرجل 1 : سيدي ، يبدو أن قوة كبيرة من الأمن الوطني قادمة إلينا .
ليث : الويل لهم .
( يجهز رجال ليث البكري أسلحتهم استعدادا لخوض المعركة. بعد قليل يسمع الجمهور العميد عبد الله مخاطبا ليثا و أتباعه عبر مكبر الصوت )
عبد الله : إلى ليث البكري و أتباعه ، إننا نطوق المكان من جهاته جميعا . فإن أردتم النجاة بأنفسكم فعليكم أن تسلموا إلينا رهينتكم و أن تلقوا أسلحتكم .
ليث ( صارخا ) : هيهات أن أنصاع لأوامركم . إن أردتم أن تبقى رهينتي على قيد الحياة فليأتني صفوان وحده لأسوي الأمر معه .
( يدخل صفوان بعد لحظات و سلاحه ليس في يده )
صفوان : لقد جئت إليك أيها الجبان .
ليث ( مبتسما بمكر ) : يا لك من بطل مقدام ! إنني أتساءل : لم أقدمت على خيانتي ؟
صفوان : لقد أعماني بريق مالك القذر أيها المجرم . أما الآن فإنني قوي بالله أكثر من أي وقت مضى .
عبد الله ( عبر مكبر الصوت ) : إننا نحذركم من أن تمسوا ضابطنا بسوء . فلتلقوا أسلحتكم و لتستسلموا .
ليث : لقد ضقت ذرعا بهؤلاء . ( يخاطب أتباعه ) اخرجوا إليهم و تخلصوا منهم .
( يخرجون جميعا إلا ليثا و رغدة و صفوان. تحتدم المعركة بين رجال الأمن الوطني و أتباع ليث )
صفوان ( مخاطبا ليثا ) : فلتترك زوجتي و شأنها و لننه الأمر سوية .
ليث : كما تريد .( يدعها جانبا ثم يشهر سلاحه نحو صفوان ) سيدون تاريخكم هذا المشهد . لقد تمنيت أن تبقى إلى جانبي يا صفوان ولكنك غدرت بي و ستدفع ثمن ذلك .
صفوان : ألم أقل لك إنه لم يبق لدي ما أخسره ؟
ليث : بلى ، ولكن خسارتك ستكون موجعة عندما أقتل زوجتك قبل أن أقضي عليك .
( ما إن يصوب ليث سلاحه تجاه رغدة حتى تصيب صدره رصاصة من بندقية أحد قناصة الأمن الوطني ، فيسقط أرضا و به رمق . يقترب منه صفوان )
صفوان : كان عليك أن تعلم أنني لم أكن لأسمح لأحد بأن يمس أحبابي بسوء .
ليث ( بصوت ضعيف ) : لقد ربحت أخيرا يا صفوان .
( تميل يده جانبا . تنطلق رغدة إلى صفوان فيضمها إلى صدره بكل شوق )
صفوان : الحمد لله أنك لم تصابي بسوء .
رغدة : إنني سعيدة لأنك عدت إلى رشدك . لقد كنت على يقين بأنك لن تتركني .
صفوان : سامحيني يا عزيزتي .
رغدة : لا عليك . ( تنظر إلى ليث ) الحمد لله الذي نجانا منه .
صفوان : هيا بنا ، فلنذهب الآن .
( ما إن يبتعدان قليلا حتى ينهض ليث الذي لم يمت بعد ، فيصوب سلاحه نحو صفوان )
ليث : إلى أين يا صفوان ؟ لقد حانت ساعة موتك .
( يطلق ليث رصاصة غادرة تصيب ظهر صفوان و تنفذ من صدره . تصرخ رغدة عندما ترى زوجها قد سقط أرضا و دماؤه تسيل بغزارة. يصوب ليث سلاحه نحوها لكي يقتلها إلا أن عددا من رجال الأمن الوطني يطلقون النار عليه فيردونه قتيلا ، ثم يهرعون لإنقاذ صفوان في الوقت الذي تبكي فيه رغدة بكل ألم و لوعة. يدخل العميد عبد الله و النقيب عامر )
عبد الله : اطلبوا الإسعاف حالا . ( يخاطب صفوان ) فلتصمد أيها الرائد .
صفوان ( بصعوبة ) : إنني أحتضر يا سيدي .
عامر : لا تقل هذا يا صفوان ، بل كن شجاعا كما عرفناك .
صفوان : إنني لست خائفا أيها النقيب . ( ينظر إليهم جميعا ، ثم يخاطب العميد عبد الله ) أوصيكم بزوجتي خيرا يا سيدي .
عبد الله ( بحزن ) : سنفعل يا صفوان .
صفوان ( مخاطبا زوجته ) : اقتربي يا رغدة . ( تقترب و هي تبكي بحرقة و ألم ، ثم تقبل يديه ) لا تحزني يا حبيبتي ؛ فإن الموت مكتوب علينا جميعا .
رغدة : كم تمنيت أن نعود معا مرة أخرى . ( تبكي ) ولكنك ستكون بعيدا عني .
صفوان : لا تقلقي ؛ لئن ذهبت بعيدا فإن الله معك و لن يضيعك . ( يرفع سبابته لينطق بالشهادتين ثم يسلم روحه )
عامر : إننا لله و إنا إليه راجعون .
( تسند رغدة رأسها إلى صدر صفوان ثم تبكيه بصمت في اللحظة التي لا يملك فيها سائر رجال الأمن الوطني أنفسهم من البكاء على صديقهم ، فيحملونه على أعناقهم ثم يسيرون ببطء و هم يترحمون عليه )
انتهى المشهد الثاني
[center]انتهت المسرحية
[/center]