الفصل الثاني
المشهد الأول
( يضاء المسرح ، ثم يدخل عدد من رجال الأمن يتقدمهم الرائد صفوان و الرائد مصعب. يتلقيان التهنئة من عدد من زملائهم بعد إلقائهم القبض على مالك الجلاد )
الضابط 1 : لقد أحسنتما صنعا أيها الرائدان .
مصعب : الحمد لله .
الضابط 2 : لقد علم مدير أمن العاصمة بما صنعتماه . إنه مسرور جدا لذلك .
صفوان : و أين هو العميد عبد الله ؟
الضابط 1 : سيأتي بعد قليل .
صفوان : إننا بحاجة لبعض الراحة و آمل أن يمنحنا إجازة لثلاثة أيام .
الضابط 2 : إنكما تستحقانها فعلا .
( يدخل رجلان من رجال الأمن الوطني و هما يقتادان مالكا الجلاد . ينظر إليه صفوان )
صفوان : هل ظننت أنني سنفلتك ؟ لقد أخطأت الظن أيها التافه .
مالك : أعدك بأن أحيل سعادتك إلى جحيم لا يطاق .
صفوان : صه أيها الحقير . لقد أقسمت على أن أنال منك و قد فعلت .
مالك : سأفلت منكم قريبا ، و حينئذ سأجعلك تنتظر الموت في كل لحظة تعيشها .
صفوان : خسئت أيها النذل .
( يأمر رجلي الأمن باقتياده ، ثم يتقدمهما مع مصعب . فجأة يتمكن مالك من انتزاع سلاح أحد رجلي الأمن المرافقين له ثم يطلق النار على ساقه فيسقط أرضا . يصوب مالك السلاح باتجاه صفوان )
مالك ( صارخا ) : لقد انتهى أمرك .
( يسمعه مصعب فيبادر إلى محاولة انتزاع السلاح منه ، ولكن مالكا يطلق عليه رصاصة تصيب صدره ، فيسقط و الدماء تنزف منه بغزارة . ينقض عدد من رجال الأمن على مالك ثم ينتزعون السلاح منه . يهرع صفوان إلى مصعب فيحتمله بين يديه )
صفوان : تمالك نفسك يا صديقي .
مصعب ( بصعوبة ) : يا إلهي ... لقد أصبت .
صفوان : ستكون بخير إن شاء الله . ( يخاطب رجال الأمن ) اطلبوا الإسعاف حالا . ( ينظر إلى مصعب بعينين دامعتين ) ما كان عليك أن تفعل هذا يا مصعب .
مصعب : لقد أديت واجبي ، أليس كذلك يا صفوان ؟
صفوان ( بحزن ) : بلى ؛ فلقد أنقذت حياتي .
مصعب : فلتكن إلى جواري يا أخي ؛ أشعر أنني أحتضر .
صفوان ( و هو يشد على يد مصعب ) : أعدك بأن أكون معك دائما . ( تبدو علامات النزع الأخير على وجه مصعب )
مصعب : لقد أحببتك يا صفوان ؛ فلقد كنت من أكرم أصدقائي و أوفاهم .
صفوان : لن تغيب ذكراك عني ؛ فأنت أخي الذي لم تلده أمي .
( يبتسم مصعب ثم يميل برأسه جانبا . يدرك صفوان حينئذ بأنه قد مات ، فيبكيه بصمت و ألم . تتعالى ضحكات السخرية من مالك الجلاد )
مالك : أرأيتم ماذا فعلت ؟ لا يهمني الآن إن حكمتم علي بالموت أو السجن ؛ فلقد شفيت غليلي منكم .
( ما إن يسمع صفوان ما قاله مالك حتى يستشيط غضبا و حنقا عليه ، فيشهر سلاحه ثم يمشي ببطء تجاهه . يحاول بعض رجال الأمن تهدئته ولكنه يبعدهم عنه )
صفوان : و الله لن أمهلك طويلا بعد أن قتلت صديقي أيها الفاجر الحقير .
( يطلق صفوان العديد من الرصاصات على مالك بلا وعي فيرديه قتيلا ، ثم ينهال على جثته ركلا و شتما . يدخل العميد عبد الله مسرعا بعد سماعه إطلاق النار ، فيصرخ في وجه صفوان آمرا إياه بإلقاء سلاحه ثم يأمر بطلب الإسعاف لنقل جثماني مصعب و مالك . يطفأ المسرح )
انتهى المشهد الأول
المشهد الثاني
( يضاء المسرح . يقف الرائد صفوان في مكتب العميد عبد الله سلمان . يدخل العميد و هو مغضب جدا لما حدث . ينهض صفوان ليؤدي تحيته إلا أن العميد يتجاهله تماما ثم يجلس )
عبد الله : لا أدري من أين أبدأ . ما أستطيع أن أقوله لك هو أن رئيس الأمن الوطني قد اتصل بي و وجه لي توبيخا صارما بعد أن علم بالحماقة التي اقترفتها أيها الرائد .
صفوان : أعتذر إليك إن كنت قد تسببت لك في ذلك يا سيدي .
عبد الله : لقد كانت مكانتك مرموقة هنا منذ أحد عشر عاما أيها الرائد ، ولكن ما أقدمت على فعله قد أساء إلى سمعتنا . هلا فسرت لي السبب ؟
صفوان : لقد قتل مالك صديقي الذي كان أكثر من أخ لي . و الحق أنني لم أتمالك نفسي من الغضب بعد أن سمعت ذلك اللعين يضحك بسخرية متفاخرا بما صنع .
عبد الله : ألذلك قتلته ؟
صفوان : نعم يا سيدي .
عبد الله : يا لعملك الأحمق ! لقد كان يجدر بك أن تكون منضبط النفس ، ولكنك أصبحت متهورا . ألم يتعين عليك أن تلقي القبض عليه لا ان تقتله ؟
صفوان : بلى يا سيدي . ( هنا )
عبد الله : ألم تعلم أننا كنا على مقربة من الكشف عن الأوكار القذرة التي كان يتاجر فيها ذلك المجرم بتلك السموم مع أمثاله ؟ لقد فات الأوان على ذلك لأن قتلك إياه أفسد علينا عامين من التحقيق .
صفوان : أعترف أنني قد أخطأت يا سيدي .
عبد الله : يؤسفني أن أخبرك أن الأمر لم ينته عند هذا الحد .
صفوان : ماذا تعني يا سيدي ؟
عبد الله : لقد أمر رئيس الأمن الوطني بأن تمثل لمحاكمة عسكرية عما قريب .
صفوان ( بألم ) : أهذا هو جزائي ؟
عبد الله : أخشى أنه كذلك . و تنفيذا لأمره فأنت موقوف عن العمل حتى موعد محاكمتك .
صفوان : كما تريد يا سيدي .
( يطفأ المسرح لفترة قصيرة ثم يضاء مرة أخرى ، حيث يجلس عدد من الحاضرين من بينهم العميد عبد الله و زوجة صفوان التي تدعى رغدة . يدخل ثلاثة قضاة عسكريون ، فينهض الحاضرون ثم يجلسون تنفيذا لأمر رئيس المحكمة العسكرية )
رئيس المحكمة : فليمثل المتهم أمامنا .
( يأتي عدد من رجال الأمن و برفقتهم صفوان . عندئذ تبادر زوجته إليه ثم تشد على يديه )
رغدة : فلتكن صابرا و شجاعا يا صفوان ، و لا تدع لليأس طريقا إلى قلبك .
صفوان : إنني كذلك يا عزيزتي . ( يجلس )
( ينظر رئيس المحكمة العسكرية في أوراق الحكم على صفوان ، ثم يأمره بالوقوف )
رئيس المحكمة : بعد الإطلاع على ما أقدمت عليه من جناية قتلك المدعو مالكا الجلاد رغم علمك المسبق بوجوب إلقاء القبض عليه و تقديمه لأيدي العدالة ، فإن المحكمة العسكرية ترى أنك قد أخللت بقوانين الأمن الوطني و لم تلتزم بالإنضباط أثناء أدائك لوظيفتك . و لذلك فإن المحكمة العسكرية قد حكمت عليك بالسجن عامين و بالعزل عن الخدمة في الأمن الوطني . ألديك ما تقوله ؟
صفوان : لا شيء يا سيدي .
( تقترب منه رغدة ثم تشد على يديه و قد ازدحمت الدموع في عينيها ثم تعانقه )
رغدة : لا تقلق يا عزيزي ؛ فسيفرج الله عنك بإذنه .
صفوان : أرجو ذلك . ( يطفأ المسرح )
انتهى المشهد الثاني