من طرف الاميرال الأحد أكتوبر 16, 2011 7:57 pm
( المشهد الثاني )
( يضاء المسرح ، حيث يظهر السيد هنري مع زوجته ليندا و ابنه جون و هم يجلسون في غرفة ما . يغلب طابع الحزن و الألم عليهم )
هنري : إنني حتى الآن لا أصدق ما حدث لمايكل .
ليندا : أحس كأنني أعيش كابوسا رهيبا منذ تلك اللحظة التي سمعت فيها أن ولدي قد أصيب بالشلل .
جون: ليكن الله في عونه . لا بد أن نخفف عنه محنته هذه . ( تبكي ليندا ) .
ليندا : يا للحسرة و الألم . إن قلبي يتفطر حزنا عليه . ( يهدئها هنري ) .
هنري : هوني عليك . يجب علينا أن نعلم أن هذا هو القدر الذي كتبه الله له . ( يخاطب جون ) أين أخوك يا جون ؟
جون : لا بد أنه في غرفته الآن .
هنري : أحضره إلي ؛ أريد التخفيف عنه من مصابه . ( يذهب جون ) استمعي إلي يا ليندا ؛ لأن ما سأخبرك به الآن يتعلق بزواج ولدنا من كاترين .
ليندا : و ما هو ؟
هنري : لقد بلغني أن السيد تشارلز جونسون قد عزم على فسخ خطبة ابنته من ابننا .
ليندا ( بضيق ) : ماذا ؟
هنري : إنها الحقيقة يا ليندا .
ليندا : ولكنك تعلم أنهما يحبان بعضهما البعض وأنه من الصعب التفريق بينهما هكذا .
هنري : إنني أعرف شعورهما جيدا و أقدره ، و لم أخف ذلك عنه .
ليندا : و ماذا قال ؟
هنري : لقد أصر على رأيه و أكد لي أنه مصمم على ما سيفعله . علينا ألا نذكر هذا الأمر أمام مايكل لئلا نزيده ألما على ألمه .
( في هذه اللحظة يدخل جون و هو يقود الكرسي المتحرك الذي يجلس عليه مايكل ، فتتألم ليندا لرؤية ابنها على هذا النحو فتبكي ) .
مايكل : لا يا أمي ، لا تبكي .إنه ليعز علي رؤية دموعك تسيل من عينيك .
هنري ( مغالبا دموعه ) : كيف تشعر يا بني الغالي ؟
مايكل : إنني بخير ، و لدي رغبة جامحة في المشي . ( يضم هنري رأس ولده إلى صدره متألما ) .
هنري : ليت أصبت عوضا عنك يا بني .
مايكل : إنني أشعر بدفء حنانك الآن يا أبي ، و إنني كذلك أسمع نبضات قلبك الطاهر . ( ينادي أمه ) تعالي إلي أيضا يا أمي العزيزة .
ليندا : كلي فداك يا بني .
مايكل : بل أنت روحي التي أعيش بها يا أغلى الناس علي.( يضع يده على يد أخيه) أشكرك يا أخي العزيز.( يذرف جون بعض الدموع).
جون : أسأل الله أن يمنحك القدرة على المشي من جديد .
مايكل : ألم تأت كاترين لزيارتي ؟
هنري : ستأتي اليوم مع أبيها للاطمئنان عليك .
مايكل : إنني متلهف إلى لمسات يدها الساحرة ، و إنني أرجو من الله أن يشفيني لأعاود المشي معكم و معها من جديد. ( يدخل دانييل ) .
هنري : ما وراءك يا دانييل ؟
دانييل : سيدي ، لقد وصل الآن السيد تشارلز جونسون و ابنته.
هنري : فليدخلا . ( بعد لحظات يدخل تشارلز و كاترين ) مرحبا بك يا تشارلز . ( يصافحه ) .
تشارلز : أشكرك يا هنري ( يخاطب الجميع ) عمتم مساء . ( يتوجه إلى مايكل ) إنني آسف لما حدث لك .
مايكل : أشكرك يا سيدي . ( يجلس الجميع ) .
تشارلز : لقد علمت بالحادث الأليم الذي حل بمايكل ، و لم أتوقع أن أراه هكذا بعد عودتي من السفر .
هنري : أشكرك على هذا التعاطف أيها الصديق العزيز .
تشارلز : إنني في الواقع قد جئت لأكمل معك موضوعنا حول خطبة ابنك من ابنتي .
هنري ( مضطربا ) : كلا يا تشارلز ، أرجو أن ترجئه إلى وقت آخر .
تشارلز : إنني أريد الانتهاء من هذا الأمر سريعا ، ولذلك فإنني أرجو أن تسمعه الآن .
هنري : حسنا ، كما تريد .
ليندا : ما الأمر الذي ستخبرنا به يا تشارلز ؟
تشارلز : كما نعلم الآن ، فإن مايكل قد أصبح في حالة عجز تمنعه من ممارسة دوره في هذه الحياة ، و هذا له أثره حول مستقبل زواجه . و لكي أكون واضحا ( تقاطعه كاترين و هي حزينة )
كاترين : إنني أتمنى ألا يحدث هذا ؛ لأنني أحب مايكل ، ولقد قطعت وعدا خالصا بالزواج به . إنني لن أجلس هنا لحظة واحدة لأستمع إلى كلامك الجارح . ( تنهض كاترين ثم تخرج ) .
ليندا : أرجو ألا تكون قد جئت من أجل ......... ؟
تشارلز ( مجيبا ) : نعم يا سيدتي ، هذا هو ما جئت من أجله ، و أعني به فسخ خطبة ولدكم من ابنتي ؛ لأنني أحرص على مستقبلها قبل كل شيء ، و لا أريد أن أسبب لها الألم. ( تبدأ نبرة غاضبة على وجه مايكل )
مايكل : ماذا يا سيدي ؟ أتعني أنك تريد التفريق بيني و بين كاترين ؟
هنري ( مخاطبا جون ) : خذ أخاك إلى الداخل يا جون .
مايكل ( رافضا ) : كلا يا جون ، دعني . ( يخاطب تشارلز ) أتعني بحق أنك تريد أن تحول بيني و بين ابنتك ؟
تشارلز : إنني آسف على ذلك . لقد تمنيت ألا يحدث هذا الأمر .
مايكل : و بأي حق تريد ذلك ؟
تشارلز : كما قلت لك . إنني حريص على مصلحة ابنتي . وحتى لا أخفي عنك شعوري فإنني لا أقبل على نفسي أن أزوج ابنتي من إنسان عاجز عن تحقيق سعادتها .
مايكل : إذن ، فأنت مصر على رأيك يا سيدي ؟
تشارلز : كما سمعت .
مايكل ( غاضبا ) : اسمعني جيدا يا سيدي ، لئن فرقت بين رأسي و جسدي فذلك أرحم لي من تفريقك بيني و بين ابنتك ؛ لأنني خطيبها و لي الحق في الزواج بها ؛ فلقد أحببنا بعضنا البعض بصدق . و لذلك فقرار زواجها مني بيدها لا بيدك .
هنري : عليك أن لا تحتد في كلامك يا مايكل .
مايكل : كلا ، إنها لي ، و إنني لن أنتظر حتى يأتي مثل هذا ليقول لي بأنه لا يقبل تزويج ابنته من إنسان غير قادر على إسعادها . ( يخاطب تشارلز ) أليس هذا ما تريد أن تقوله ؟
تشارلز : كلا ، ليس هذا ما أقصده .
مايكل : سيدي ، إنك غير صادق معي .
تشارلز : في الحقيقة إنه ليؤسفني ما سيحدث لكما .
مايكل ( غاضبا ) : أتقول هذا دون أن تلقي بالا لحبي لابنتك ؟
تشارلز : لا ، ولكنني أهتم بمصلحة ابنتي كما قلت لك .
مايكل : و ماذا عني ؟
تشارلز : إنني آسف .
مايكل : كم تغيظني بكلامك الحقير هذا! عليك اللعنة .
تشارلز ( غاضبا ) : يتضح لي أن صبري قد نفد معك ؛ لأنك على جانب كبير من القحة و سوء الأدب بلا شك . ألم يعلمك أبواك و معلموك أدب احترام الضيف ؟
مايكل : بلى ، ولكنني لا أحترم ضيفا يطعنني في صميم قلبي و أعني به أنت و أمثالك .
هنري ( متدخلا ) : كف عن هذه الحماقة يا بني . عليك أن تعتذر له الآن .
مايكل : كلا ، لم ينته الأمر بعد يا أبي . ( يخاطب تشارلز ) إن كنت تحسب نفسك تريد ما تريد فأنت مخطىء ؛ لأنك لن تبلغ هدفك الذي جئت من أجله و لن أستجدي منك أي عطف .
تشارلز ( ساخرا ) : إنك تحلم بلا شك.
مايكل : كلا ، أنا لا أحلم .
تشارلز : بل أنت كذلك . و من يدري فلعل كاترين قد ترغب عنك و تتزوج غيرك عندما يعود إليها صوابها .
جون ( مقاطعا ) : كلا ، إن كاترين تحب مايكل ، و ليس لك الحق يا سيدي في التفريق بينهما .
هنري : هذا أمر لا يعنيك يا جون .
جون ( بحنق ) : و كيف لا يعنيني ؟
هنري : يكفي هذا يا جون .
تشارلز ( ساخرا ) : يبدو لي أن ولديك عنيدان جدا يا هنري . ( يخاطب مايكل ) حتى تشفي ذهنك المريض لم لا تتخيل نفسك يوم زواجك مع كاترين ؟ بالتأكيد إنك لن تجدها إلى جوارك .
مايكل : عليك اللعنة أيها النذل . ستكون كاترين زوجة لي رغما عنك ، و لن تستطيع بإرادتك أن ترغمها على تركي .
تشارلز : و ذلك ما لن تناله أبدا ؛ لأنك ستظل مقيدا على هذا الكرسي طيلة حياتك حتى تموت و تنتهي معاناتك الوهمية . أليس كذلك ؟
( تحدث عندئذ مفاجأة كبرى ، حيث ينهض مايكل على ساقيه ثم يسير ببطء نحو تشارلز ) .
مايكل : سنرى الآن ما تقول . إنك لن تفرض علي أكاذيبك أيها الوضيع . ( يرمي بنفسه على تشارلز حيث يسقطه أرضا ثم يضغط بيديه على رقبة تشارلز وهو يصرخ) فلتخرج روحك الخبيثة أيها اللعين. ( يسرع هنري حيث يرفع ابنه الذي يهذي صارخا ) اتركني يا أبي، أريد أن أحطم هذا الكرسي على رأسه المنفوخ بالغرور و الصلف .
هنري : أجننت يا مايكل ؟
تشارلز : نعم . لا شك في أن ولدك قد أصابه الجنون ، و لقد سمعت من كلامه الوقح ما يكفي . و قد آن الوقت لأعطيه قراري النهائي بأنه لن يتزوج ابنتي ، و إنني أحذره من دخول منزلي ( ينادي كاترين ، و عندما تأتي إليه يخاطبها بلهجة حازمة ) لقد أجمعت أمري على عدم زواجك من هذا الوقح ، فحذار أن تذكري اسمه أمامي .
مايكل : فلتذهب إلى الجحيم أيها اللعين . ( يخاطب كاترين ) لا تهتمي لأمره يا حبيبتي ؛ لأنني عائد إليك . ( يمسك تشارلز بيدها مغضبا ثم يذهبان . في هذه اللحظة ينهار مايكل باكيا ) لماذا ؟ أهكذا تعذب روحي ؟ هل سألبس ثياب الأسى على ما تبقى من عمري ؟ (يأتي دانييل و يحاول تقريب الكرسي المتحرك منه، فيدفعه مايكل بيده صارخا ) أبعد هذا الكرسي اللعين عني . ( ينحني والداه قريبا منه ثم يواسيانه ) .
ليندا ( تمسك بيده باكية ) : ستعوض خيرا من ذلك . اصبر يا بني .
مايكل ( متألما ) : كلا ؛ لا أريد أن أعيش معذبا في حياتي .
هنري : كن صبورا يا بني ؛ عليك ألا تستسلم للأحزان .
مايكل : لا يا أبي ؛ إن روحي تذوق من المرارة ما لا تطيق ، و إنني أتمنى الموت لأرتاح من آلامي و أحزاني .
( انتهى المشهد الثاني )